المشاكل المجتمعية والأسرية التي تواجه مصابي (ADHD)

قد يُتهم الطفل المصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) بسوء التربية وتقصير الأبوين في تهذيبه، وهو ما قد يعرضه للتوبيخ والعنف ومشكلات نفسية أكثر تعقيداَ، ولكنه كأي شخص عادي في أمس الحاجة لوجود وعى وحقوق من الاخرين لتضمن له ممارسة حياته الطبيعية بأمن ونظام كالأخرين من افراد المجتمع، فالأعراض لا تأثر فقط على مستوي الاسرة بل تؤثر سلبًا في حياة المصاب الاجتماعية، وأدائه الدراسي أو انتاجيته في العمل، لذلك يواجه المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه العديد من المشاكل المجتمعية والأسرية، التي يجب التعامل معها بعناية.

الاضطرابات المصاحبة التي تؤثر سلباً على حياة المصاب:

يوجد العديد من الاضطرابات المصاحبة لأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) التي تؤثر على الحياة الاجتماعية والأسرية للفرد المصاب سلباً، ومن بعض هذه الاضطرابات:

  • اضطرابات السلوك التخريبية

حوالي 40% من الأفراد المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يعانون من اضطراب العناد الشارد (ODD)، ويتسم المصابون بـ ((ODD بالصفات التالية:

  • الجدل
  • فقدان الأعصاب
  • رفض اتباع القواعد
  • لوم الآخرين
  • تعمد إزعاج الآخرين
  • والغضب والاستياء والحقد والانتقام.

 

  •  اضطراب السلوك (CD) 

علاوة على ذلك، فإن اضطراب السلوك (CD) قد يكون موجوداً أيضاً ما بين الأفراد المصابين بفرط الحركة ونقص الانتباه، حيث أنه يوجد بين 27% من الأطفال، و45-50% من المراهقين، و20-25% من البالغين المصابين بـ (ADHD).

 حيث أنه قد يكون الأطفال المصابون باضطراب السلوك عدوانيين تجاه الأشخاص أو الحيوانات، أو يدمرون الممتلكات، أو يكذبون أو يسرقون أشياء من الآخرين، أو يهربون، أو يتخطون المدرسة، أو يكسرون حظر التجول.

وغالبًا ما يظهر البالغون الذين لديهم اضطراب السلوك (CD) سلوكيات تضعهم في مشاكل مع القانون.

  • تعاطي المخدرات والادمان

تشير الأبحاث إلى أن الشباب المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه معرضون لخطر متزايد لتدخين السجائر في وقت مبكر جدًا، يليه الكحول ثم تعاطي المخدرات.

كما يعتبر تدخين السجائر أكثر شيوعًا عند المراهقين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والبالغون المصابون بالاضطراب لديهم معدلات مرتفعة من التدخين ويبلغون عن صعوبة خاصة في الإقلاع عن التدخين.

لذلك فإنه من المرجح أن يصبح الشباب المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مدمنين على النيكوتين أكثر من الأفراد غير المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث أن الأفراد المصابين الذين يتم علاجهم بالمنشطات ليسوا أكثر عرضة لتعاطي الكوكايين والمنشطات من غيرهم.

حيث لوحظ أن المراهقين الذين يتم وصفهم الأدوية المنشطة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هم أقل عرضة لاستخدام العقاقير غير القانونية في وقت لاحق من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الذين لا يتم وصفهم للأدوية.

 المشاكل المجتمعية والأسرية التي قد تواجه مصابي (ADHD):  

  •  مرحلة الطفولة:

غالبًا ما يبدأ النظر إلى طفل المدرسة الابتدائية المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) على أنه مُختلف عندما يبدأ زملائه في تطوير المهارات والنضج التي تمكنهم من التعلم بنجاح في المدرسة.

وعلى الرغم من أن المعلم الجيد قد يكون قادرًا على تكييف الفصل الدراسي للسماح للطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بالنجاح، إلا أنه في كثير من الأحيان يعاني الطفل من الفشل الأكاديمي، والرفض من قبل الأقران، وتدني احترام الذات.

وقد تبدأ أيضًا المشكلات المرضية المصاحبة مثل اضطرابات التعلم، في التأثير على الطفل، مما يزيد من شعور الطفل بالخزي واليأس.

وبجانب المشكلات السابقة في كثير من الأحيان يواجه المصاب مشاكل إضافية في المنزل، فقد تصبح الصعوبات في المنزل أو عند التسوق أو الخروج في الحديقة أو زيارة أفراد الأسرة الآخرين أكثر وضوحًا في أخر سنوات الطفولة.

 حيث قد يجد الآباء أن أفراد الأسرة يرفضون رعاية الطفل، وأن الأطفال الآخرين لا يدعونهم إلى الحفلات أو للعب في الخارج.

كما أن معاناة العديد من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) من اضطرابات النوم، وبغض النظر عن عدم احتياجهم إلى الكثير من النوم، فإنه يؤثر على سلوكهم أثناء النهار، فغالبًا ما يكون أسوأ عندما لا يحصلون على جودة نوم عالية.

نتيجة لذلك، لا يملك الآباء وقتًا طويلاً لأنفسهم؛ فعندما يكون الطفل مستيقظاَ يجب أن يراقبونه، ولذلك ليس من المستغرب أن تكون العلاقات الأسرية متوترة بشدة، وفي بعض الحالات تنهار مؤديه إلى المزيد من الصعوبات الاجتماعية والمالية، مما قد يتسبب في شعور الأطفال بالحزن أو حتى إظهار سلوك معادي أو عدواني.

  • مرحلة المراهقة:

قد تؤدي المراهقة إلى تقليل النشاط المفرط الذي غالبًا ما يكون ملفتًا للنظر عند الأطفال الصغار المصابين بـ (ADHD)، لكن عدم الانتباه والاندفاع والقلق الداخلي تظل صعوبات كبيرة تواجههم.

حيث قد وجد أن المراهقين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يشعرون بضعف ثقة بالنفس وباضطراب في التطور الطبيعي لذاتهم، وذلك ما قد يؤدي إلى تطور السلوك العدواني المفرط والمعادي للمجتمع، مما يضيف المزيد من المشاكل.

فحصت دراسة أجراها إدواردز وآخرون 27 مراهق مصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) واضطراب التحدي والمعارضة (ODD)، والذي يتم تحديده من خلال وجود سلوك يتسم بالتحدي والعصيان والاستفزاز بشكل ملحوظ وغياب الأفعال الانشقاقية أو العدوانية الشديدة التي تنتهك القانون أو الحقوق.

وقد صُنف هؤلاء المراهقون أنفسهم على أنهم يواجهون نزاعًا بين الوالدين والمراهقين أكثر من الضوابط المجتمعية.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة استقصائية أجريت على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 عامًا أن أولئك الذين يعانون من فرط الحركة كانوا يملكون أصدقاء أقل بمرتين من المراهقين غير المصابين.

وبجانب ذلك، إن المراهقين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يتعرضون لخطر متزايد من الفشل الأكاديمي والتسرب من المدرسة أو الكلية وحمل المراهقات والسلوك الإجرامي، نتيجة لعدم الحصول على الدعم والعلاج المناسبين.

  • مرحلة البلوغ:

 حوالي 60٪ من الأفراد الذين يعانون من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) في مرحلة الطفولة لا يزالون يواجهون صعوبات في حياة البالغين.

كما أنهم قد يحتاجون إلى اختيار أنواع معينة من العمل ويكونون في الغالب يعملون لحسابهم الخاص، ففي مكان العمل، يعاني البالغون المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من المزيد من الصعوبات الشخصية مع أصحاب العمل والزملاء، كما تحدث مشاكل أخرى بسبب التأخير والتغيب والأخطاء المفرطة وعدم القدرة على إنجاز أعباء العمل المتوقعة.

 وأيضاً في المنزل، تكون صعوبات العلاقات والانفصال بين الأزواج أكثر شيوعًا، كما يزداد خطر تعاطي المخدرات والعقاقير بشكل كبير لدى البالغين الذين يعانون من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه المستمرة للذين لم يتلقوا أي دواء.

 وإن الجوانب الجينية لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تعني أن البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هم أكثر عرضة لإنجاب أطفال مصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهذا بدوره يسبب المزيد من المشاكل.

طرق لعلاج المشاكل الاسرية والاجتماعية التي يواجها المصابون:

  1. العلاج السلوكي: 

يمكن للمعلمين وأولياء الأمور تعلُّم استراتيجيات لتغيير السلوك، مثل المهلة للتعامل مع المواقف الصعبة وأنظمة المكافآت الرمزية.

  1. التدريب على المهارات الاجتماعية الجيدة: 

هذا يمكن أن يساعد الأطفال على تعلُّم السلوكيات الاجتماعية المناسبة للاندماج والتكيف مع المجتمع والأقران.

  1. التدريب على مهارات الأبوة والأمومة: 

هذا يمكن أن يساعد الآباء على تطوير طرق لفهم وتوجيه سلوك طفلهم، فمثلاَ تقسيم الجملة المركبة إلى أوامر بسيطة جداَ، تبدأ برتب الفراش، وبعد الانتهاء منها تذهب الأم للفقرة التالية، وهذه الطريقة هي الأفضل من حيث التواصل معهم لأنهم أيضاَ يعانون من النسيان السريع.

  1. العلاج النفسي: 

إن العلاج النفسي يتيح للأطفال الأكبر سنًّا المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) التحدث عن المشكلات التي تزعجهم، بجانب استكشاف أنماط السلوك السلبية وتعلُّم طرق التعامل مع أعراضهم.

  1. العلاج الأسري: 

يمكن أن يساعد العلاج الأسري الآباء والأشقاء في التعامل مع ضغوط الحياة مع شخص مصاب بـهذا الاضطراب، من خلال استخدام الأهل استراتيجيات جديدة وغير معتادة فيما يتعلق باللعب والأنشطة المنزلية، كما ينبغي أن تحتوي تلك الاستراتيجيات على الحركة والتفاعل.

  1. العلاج الدوائي:

إن العلاج الدوائي فعال في السيطرة على أعراض الاضطراب الرئيسة مثل ضعف التركيز؛ ولكن استخدامه العلاج الدوائي وحده لا يغني عن العلاج السلوكي والتربوي المكملين له.

اترك رد